عيون مغلقة على اتساعها- 2

بقلم: عصام خوري

05/12/2003

عام بعد عام والشعارات ذاتها، والأفكار ذاتها، والتطلعات ذاتها.
عام بعد عام ننتظر ميلاداً أفضل،ورأس سنة أفضل، وبشراً أفضل، و…
ننتظر لكن لا نفعل، الفعل السياسي دائما مشروط بتوازنات ضمن الساحة الدولية، هذا أمر ندركه. لكن سؤالي في هذا المقال ماذا عن الشأن الاجتماعي، ومخاطره على البيت الداخلي؟. لماذا لا ننظر للبيئة وللفكر بصيغ تجعلنا شركاء فاعلين، في الساحة الدولية؟
لماذا اعتدنا دائما أن لا نتناول مشاكلنا، ونجد لها حلولا؟. لماذا يأتي الحل من الخارج وبتوجيه الخارج؟

هل السبب أننا كسالى أو لا نحب أوطاننا؟1_722202_1_10
سأتكلم اليوم عن واحدة من أهم مشاكل عالمنا العربي، ضمن إحصائيات القطر العربي السوري الذي يمثل مثالاً يتكرر في كل قطر عربي. التضخم السكاني:

يتزايد عدد سكان سورية تزايداً كبيراً، فقد كان 3006ألف نسمة عام 1947 أصبح 8996ألف نسمة عام 1981م، و15116ألف نسمة عام 1990م، حتى وصل عام 2001م إلى 17188ألف نسمة.
وهذه الأرقام لا تشمل عدد السكان في الأراضي المحتلة (لواء اسكندرونة- مرتفعات الجولان).
فقد تغيرت معدلات النمو السكاني في سورية في نصف القرن الماضي، إذ كانت 12.7بالألف في أربعينات القرن الماضي، وصارت 16بالألف في خمسيناته ثم قفزت إلى 27بالألف بين 1960-1970 ثم إلى 33.6بالألف بين السبعينات وصولاً إلى الثمانينات، لكنها عادت وتراجعت إلى 33بالألف بين 1981-1994. ثم انخفضت بين 1994-2000إلى 27بالألف. ويتوقع لها أن تتدنى إلى 24 في العقد القادم(2000-2010) إي قد يصل عدد سكان سوريا إلى 25000ألف نسمة في نهاية العقد القادم.
كما قد تدنت معدلات الخصوبة من 8عام 1960م، إلى 3.6عام 1999م.
ومن هنا نجد أن معدلات النمو السكاني في سوريا، واحدة من المعدلات العالمية العالية موازنة مع الدول المتقدمة (2إسبانيا، -1روسيا التي يتناقص عدد سكانها).
علينا الإقرار أن النمو السكاني المتزايد سنة بعد سنة يضع سوريا أمام أخطار انفجار سكاني متوقع، واختلال بين السكان والتنمية، وجنوحها نحو تخلف النمو الاقتصادي والتنمية عن مواكبة التزايد السكاني المضطرد.
حيث يلاحظ تزايد في أرقام المواد المستوردة وبصورة خاصة الغذائية والاستهلاكية.مما يزيد من أسعار السلع الضرورية، وهذا يؤدي إلى التضخم وانخفاض في قيمة العملة السورية، وارتفاع في قيمة الدين الخارجي الذي يقدر بأكثر من 22500مليون دولار أميركي لعام 2000م.
فبنسبة النمو 28بالألف سيصل عدد سكان سوريا إلى 70 مليون نسمة عام 2050م
وهذا بحق رقم مرعب بحق مواردنا واقتصادنا هذا بفرض أنه اقتصاد مغلق، فما بالنا إن كان ضمن سوق حرة…. حينها ستحل كارثة.
لذلك يجب التخطيط الدقيق لتحقيق التنمية الأفقية والعمودية في جميع المجالات المتخلفة، وفي مقدمتها تحقيق التنمية الزراعية ذلك لأننا بلد زراعي كدرجة أولى، ويجب تحقيق عمليات ترشيد لتقليل استهلاك المياه ذلك لأننا منطقة مهددة بحرب من أجل الموارد المائية.
وعلينا تحقيق زيادة في الغلة الزراعية وجودة في الإنتاج، يرافقها تسويق تجاري سليم للأسواق الخارجية والعربية، معتمد على خبرات قيمة ومتابعة دائمة للأسواق الخارجية وطلباتها.
وما ينطبق على القطاع الزراعي ينطبق على جميع القطاعات الأخرى، بما فيها تحقيق دراسة سليمة لعملية استخراج الثروات الباطنية، مع المحافظة على احتياطي يكفل للأجيال القادمة الاستفادة منها، علها تقدم ما عجزنا عنه كشعب وحكومات.
لذلك علينا إعادة النظر في المسارات السكانية العفوية التي لا تخضع لسياسة مخطط لها ومرسومة.
علينا بحق وضع ضوابط تحد من التفجر السكاني، ليحصل توازن في المعادلة السكانية والتنمية وتحويلها من المنحى السلبي، إلى منحى يقلل من مستوى خط الفقر، ويحقق رفاه للمجتمع.
علينا الإيمان بالعقل الذي يهدنا بصيرة النظر للمستقبل، هذا المستقبل الذي يصبح فيه إنساننا مجرماً بحق موارد بلاده، ومنتهكاً لأعراف الإنسانية المبنية على حقيقة التوازن بين  كافة الأحياء.

CESD

CENTER FOR ENVIRONMENTAL AND SOCIAL DEVELOPMENT CESD is a nonpartisan, 501(c)(3), international human rights organization based in New York. We share a commitment to social justice, human rights, and peace between all nations. Our efforts contribute to the mission of creating a new culture in the MENA region which is mainly based on the values of citizenship, peace, and coexistence.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *