بقلم: عصام خوري
23/04/2006
تعد سوريا أحدى أكثر بلدان المنطقة العربية ومنطقة “المينا” تنوعاً ثقافيا وعرقيا. فتتجاوز العرقيات فيها التسعة “العربية، الكردية، السريانية، الكلدانية، الآشورية، الأرمينية، التركمانية، الشيشانية، الشركس، بالإضافة لعدد من الأسر ذات الأعراق المختلفة المقيمة في مدن سوريا استوطنت بهدف العمل وتعايشت مع الخصوصية السورية (أوروبية قوقازية، شرق أوسطية قوقازية، قوقازية ، مغولية من جنوب شرقي آسيا”.
في حين تتجاوز الطوائف الدينية فيها الخمس والعشرون طائفة ومذهب ديني:
• المسيحية: وتتألف من “السريان الأرثوذكس، السريان الكاثوليك، الروم الأرثوذكس، الروم الكاثوليك، الأرمن الأرثوذكس، الأرمن الكاثوليك، الكلدان، البروتستنتية الإنجيلية، البروتستانتية اليسوعية الإنجيلية، البرتوستانتية المعمدانية الإنجيلية، الموارنة”.
• المسلمة السنية، وتقسم حسب مذاهبها إلى: “الشافعي، الحنبلي، المالكي، الحنفي، الجعفري”. ويضاف إليها الطائفة السنية الشافعية وفق المدرسة الخزنوية”المنطقة الشمالية الشرقية والأراضي السورية المحتلة من قبل تركيا”، ومدارس اخرى “كالكفتارية في دمشق، و”النبهانية” في حلب. وتوزع أوسع للتيار الوهابي السني في عموم أرجاء سوريا.
• المسلمة الشيعية: وتقسم إلى:
ألاثنتي عشرية، الدرزية، الإسماعيلية، العلوية والتي تقسم إلى (الكلازي، الحيدري “ماخوسي”) اللتان تأخذان من المذهب الجعفري طريقة تحليلها للدين الإسلامي والقرآن الكريم.
• بالإضافة إلى اليهودية “خمسة أسر”، والصابئة “أسرة واحدة”، والمرشدية، شهود يهوى، والأيزيدية”التي سنورد عنها تقريراً شاملاً”.

الدين الأيزيدي
اختلف الآراء كثيرا حول هذه الطائفة الدينية، فأصولية الدينية عند البعض أساءت إليها كثيراً، بالإضافة لانتشار الشائعات التي تتميز بها الأوساط الريفية البسيطة “مناطق انتشار هذه الطائفة في سوريا”، وعدم وجود مراجع دينية تغني المعرفة بهذا الدين. فقد أخذ هذا البحث مدة عامين وبانقطاع خلال فصل الصيف الحار/حزيران، تموز، آب/ في منطقة الجزيرة السورية. ومن الجدير بالذكر أن أهالي سوريا من هذه الطائفة، ضعيفي الفقه الديني بهذا الدين والشيوخ قله، مما استدعى منا زيارة معبد لاليش في العراق للتعرف على بعض الطقوس الدينية التي حصلنا عليها بشكل شحيح نتيجة التكتم الذي تمتاز به هذه الطائفة الباطنية، ولعل المساعد الأكبر لنا في هذا البحث هو وجود بعض الدراسات السابقة، ومساعدات مقدمة من عدد من الشخصيات الزرادشتية والمندائية. لذا وقبيل الدخول في شروح بعض ما وصلنا له عن هذه الطائفة سنتطرق للدين الزرادشتي الذي يشكل مدخلاً هاماً في فلسفة هذه الطائفة المميزة على الأرض السورية.
الزرادشتية ووجود الطائفة الأيزيدية:
الزرادشتية ديانة منتشرة في إيران وماحولها وأعتنقها الملايين من البشر قبل مجيء المسيحية ومن بعدها الإسلام إذ يمتد تاريخ هذه الديانة من ( 520 قبل الميلاد – وحتى عام 644 بعد الميلاد ) وتتلخص هذه الديانة بأن العالم تحكمه قوتان الأولى قوة الخير والثانية قوة الشر تتمثل القوة الأولى بالآله ( آهور أمزدا ) ويعتبر مصدر الضياء والجمال والحب والرخاء والخصب، بينما تتمثل القوة الثانية بالله ( اهرمن ) ويعتبر مصدر الظلام والشر والوباء والفقر والكذب والرذيلة، وهاتان القوتان تتجاذبان الإنسان في حياته، فأن أتبع أعمال القوة الأولى وعمل عملاً صالحاً وطهر بدنه فـقد أخزى آله الشر واستحق الأجر والثواب من الله أمزدا ، وبالعكس من هذا فقد يستحق سخط آمزدا . كما تؤمن الزرادشتية بعقيدة التناسخ وهو مبدأ انتقـال الروح وعدم توقف عملية الانتقال، إضافة إلى اعتبارهم النار عنصراً مقدساً وتقديس الشمس والسجود لها عند بزوغها فجرا أو عند مغيبها.
يقدس أتباع الزرادشتية النار ويدخلونها في شعائرهم وطقوسهم وفروضهم الدينية مما ولد الاعتقاد الشائع بأنهم عبدة النار، والأيزيدية من الزرادشتية بحكم التعايش المشترك في تلك الفترة، وإذا انسجمنا مع المنطق المذكور فأننا نقطع بوجود الديانة الأيزيدية منذ وجود الديانة الزرادشتية أي منذ عام 520 قبل الميلاد أن لم تكن قبلها إلا أن الأيزيدية تفرض الصيام على معتنقيها ويأخذ هذا الصوم أشكالا عدة منها الصوم عن الطعام أو الصوم عن الكلام أو الصوم عن أكل نبات معين أو الصوم عن التقرب للنساء ليلة الأربعاء أو الامتناع عن أكل لحم معين ، وطقوس الصوم الأيزيدي قديمة قدم دينهم، بينما تحرم الزرادشتية الصوم عليهم، كما يختلف الأيزيدية عن الزرادشتية باعتقادهم بطاووس ملك وهو رئيس الملائكة وفي الثنائية المتجسدة في وحدة الله الواحد الأحد إضافة إلى وجود تمثال لهذا الطاووس يتبركون به، مما نستطيع معه القول بأن تزامن وجود الديانتين يؤكد انفصالهما كل بدين مستقل مع عدم إنكار التأثير المتبادل بينهما، علما أن الأيزيدية تعتقد أن مؤسـس دينهم هو النبي إبراهيم الخليل ( ع) أن لم تكن أقدم منه، بينما يكون زرادشت هو مؤسس الديانة الزرادشتية ونبيها. “نقلاً عن كتاب الأيزيدية حقائق وأساطير وخفايا”
أن كلمة ( يزدان ) تعني باللغة الكردية ( الإلـه ) ومن هنا قد يكون تسمية هذه الطائفة الكردية “عبدة الإله” ومع الزمن دعيت بالأيزيدية.
ويقوم الأيزيدين على تمثيل رئيس الملائكة “طاووس مللك” على شكل تمثال طاووس كرمز ديني يدل على عظمته ونراه بشكل واضح في عدد بعض من منازلهم أو في معبدهم الأهم لاليش، ولربما عبادة الشمس القديمة عند البابليين “الإله تموز” أثرت في الدين الأيزيدي الذي ينظر لطهور الشمس ونورها بشيء من القدسية الرمزية

الديانة الأيزيدي